جمال عبد الناصر كان للرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر دور جوهري في الصراع العربي
الإسرائيلي، حيث تزعم حركة القومية العربية التي هدفت إلى الوحدة العربية
وهزيمة إسرائيل، وخاض الحروب التي اندلعت بين العرب وإسرائيل في أعوام 1948
و1956 و1967 وحرب الاستنزاف 1968-1970.
مولده ونشأته ولد جمال عبد الناصر في حي باكوس بالإسكندرية عام 1918 لأسرة تنتمي إلى
قرية بني مرة بمحافظة أسيوط في صعيد مصر، وكان والده يعمل في مصلحة البريد.
جمال في مجال التعليم انتقل جمال عبد الناصر في مرحلة التعليم الأولية بين العديد من المدارس
الابتدائية حيث كان والده دائم التنقل بحكم وظيفته في مصلحة البريد، فأنهى
دراسته الابتدائية في قرية الخطاطبة إحدى قرى دلتا مصر، ثم سافر إلى
القاهرة لاستكمال دراسته الثانوية
نضج جمال عبد الناصر مبكراً، ففي المدرسة الثانوية كانت القيادة في دمه
والزعامة في طبيعته وكان واضحاً أن القدر يهيئه لدور ما، كان يؤمن بأنه
يستطيع أن يعمل شيئاً، ولعل هذا المعنى هو الذي دفعه إلى آفاق الأحزاب
والهيئات ليدرس لأي مدى تستطيع هذه الأحزاب أداء الواجب الوطني المقدس، كان
يؤمن بنفسه وبمصر ويقرأ بنهم عجيب وكان محباً لتاريخ الأبطال والزعماء ومن
محرري البلاد وكان مهتماً بأبطال الإسلام وشخصيات التاريخ
وفي التاسعة عشرة من عمره حاول الالتحاق بالكلية الحربية لكن محاولته باءت
بالفشل، فاختار دراسة القانون في كلية الحقوق بجامعة فؤاد (القاهرة حاليا).
وحينما أعلنت الكلية الحربية عن قبولها دفعة استثنائية تقدم بأوراقه ونجح
هذه المرة، وتخرج فيها برتبة ملازم ثان عام 1938
عندما انتقل إلى القاهرة وجد نفسه داخل حركة عامة تنطق بالاحتجاج والتذمر
من واقع الحال الذي وصل إليه الإنسان المصري، وفي إحدى المرات شارك في
مسيرة ضد الإنجليز واعتقل مع مجموعة من رفاقه وكانت هذه التجربة المرة
الثانية في حياته بعد وفاة والده، كان كثير القراءة والتي لم تقتصر على
الأدباء والمفكرين المصريين بل تعدتها إلى المفكرين الفرنسيين وحياة كثير
من الشخصيات السياسية التي أثرت في مجرى التاريخ، تأثر بمصطفى كامل وسعد
زغلول كما غذته قصائد أحمد شوقي، كان لديه شغف عارم بالحياة ومفاهيم الشرف
والعزة والكرامة والحرية، الأمر الذي أدى به إلى الاقتناع بضرورة العمل من
أجل التغيير وبلورة هذا الشغف إلى ممارسة يستمد من ثورة الشعب المصري
مقومات مصداقيتها، استطاع جمال عبد الناصر أن يحصل من ملابسات هذه المرحلة
قاعدة استقطاب داخل صفوف الضباط والجنود عندما انضم إليهم بعد تخرجه من
الكلية الحربية، وبجهده لم ينته عام 1951م حتى كانت نواة الضباط الأحرار قد
تشكلت، وأصبح الضباط الأحرار يشكلون خلايا سرية على رأس كل واحدة منها
ضابط في القوات المسلحه
وقد سارع جمال عبد الناصر بعد حوادث القناة وحريق القاهرة في يناير 1952م
إلى وضع منهج عمل تتركز في ست نقاط هي:-
1-
تصفية الاستعمار وعملائه.
2-
تصفية الإقطاع الذي يملك أراضي واسعة جداً
ووضع حد لتحكم الإقطاعيين في فلاحيهم.
3-
وضع حد لسيطرة رأس المال على الحكم.
4-
تحقيق العدالة الاجتماعية.
5-
إنشاء جيش وطني قوي.
6-
إنشاء نظام ديمقراطي سليمالحالة الاجتماعية
تزوج جمال عبد الناصر في سن مبكرة وأنجب أربعة من الأولاد.
التوجهات الفكرية لجمال عبد الناصر آمن عبد الناصر بالفكر الاشتراكي خاصة في المجال الاقتصادي، فاتخذ عدة
قرارات غيرت من وجهة الحياة الاجتماعية في مصر، كان أهمها قرارات التأميم
وإعادة توزيع الملكية الزراعية بين صغار الملاك. وفي المجال السياسي سيطر
الفكر الشمولي على تسيير دفة الحكم، ولم يلتفت إلى المسألة الديمقراطية،
فكان الاتحاد الاشتراكي هو الحزب الأوحد، ومنع قيام أحزاب للمعارضة، وظهرت
مراكز للقوى، وارتكبت العديد من الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان. وعلى
الصعيد العربي روج عبد الناصر لفكرة القومية العربية، ودعا إلى قيام الوحدة
العربية، وحاول تطبيق ذلك مع سوريا لكن محاولته باءت بالفشل. واهتم بدعم
حركات التحرر الوطني خاصة في الجزائر واليمن.
حياته العسكرية والسياسيةعمل جمال عبد الناصر في منقباد بصعيد مصر فور تخرجه، ثم انتقل عام 1939 إلى
السودان ورقي إلى رتبة ملازم أول، بعدها عمل في منطقة العلمين بالصحراء
الغربية ورقي إلى رتبة يوزباشي (نقيب) في سبتمبر/ أيلول 1942 وتولى قيادة
أركان إحدى الفرق العسكرية العاملة هناك. وفي العام التالي انتدب للتدريس
في الكلية الحربية وظل بها ثلاث سنوات إلى أن التحق بكلية أركان حرب وتخرج
فيها يوم 12 مايو/ أيار 1948، وتولى تدريس مادة شؤون إدارية ورقي إلى رتبة
صاغ ثم بكباشي (مقدم)، وظل بكلية أركان حرب إلى أن قام مع مجموعة من الضباط
الأحرار بالثورة يوم 23 يوليو/ تموز 1952.
جمال و حرب 1948شارك عبد الناصر في حرب 1948 خاصة في أسدود ونجبا والفالوجا، وربما تكون
الهزيمة العربية وقيام دولة إسرائيل قد دفعت بعبد الناصر وزملائه الضباط
للقيام بثورة 23 يوليو/ تموز 1952.
الضباط الأحراركان لعبد الناصر دور مهم في تشكيل وقيادة مجموعة سرية في الجيش المصري
أطلقت على نفسها اسم الضباط الأحرار، حيث اجتمعت الخلية الأولى في منزله
بكوبري القبة في يوليو/ تموز 1949 وضم الاجتماع ضباطا من مختلف الانتماءات
والاتجاهات الفكرية، وانتخب عام 1950 رئيسا للهيئة التأسيسية للضباط
الأحرار. وحينما توسع تنظيم الضباط الأحرار انتخبت قيادة للتنظيم وانتخب
عبد الناصر رئيسا لتلك اللجنة، وانضم إليها اللواء محمد نجيب الذي أصبح في
ما بعد أول رئيس جمهورية في مصر بعد نجاح الثورة.
ثورة 23 يوليو/ تموز 1952نجح تنظيم الضباط الأحرار ليلة 23 يوليو/ تموز 1952 في القيام بانقلاب
عسكري أطلق عليه في البداية حركة الجيش، ثم اشتهرت بعد ذلك باسم "ثورة 23
يوليو". وأسفرت تلك الحركة عن طرد الملك فاروق وإنهاء الحكم الملكي وإعلان
الجمهورية. وبعد أن استقرت أوضاع الثورة أعيد تشكيل لجنة قيادة الضباط
الأحرار وأصبحت تعرف باسم مجلس قيادة الثورة وكان يتكون من 11 عضوا برئاسة
اللواء أركان حرب محمد نجيب.
رئيسا للجمهوريةسرعان ما دب الخلاف بين عبد الناصر ومحمد نجيب مما أسفر في النهاية عن
إعفاء مجلس قيادة الثورة محمد نجيب من جميع مناصبه ووضعه تحت الإقامة
الجبرية، وقيام مجلس القيادة برئاسة عبد الناصر بمهام رئيس الجمهورية، ثم
أصبح في يونيو/ حزيران 1956 رئيسا منتخبا للجمهورية بعد حصوله في استفتاء
شعبي على نسبة 99,8% من مجموع الأصوات البالغة حينذاك خمسة ملايين صوت.
تأميم قناة السويسمن أهم القرارات التي اتخذها جمال عبد الناصر قرار تأميم الشركة العالمية
لقناة السويس في 26 يوليو/ تموز 1956، وكان هذا القرار سببا في العدوان
الثلاثي على مصر.
العدوان الثلاثي علي مصر شنت بريطانيا وفرنسا وإسرائيل هجوما على مصر بسبب قرار تأميم شركة قناة
السويس، حيث بدأ الهجوم بقصف إسرائيلي مكثف لمنطقتي الكونتلة ورأس النقب
المصريتين، وبعد مقاومة شعبية عنيفة وتدخل روسي انسحبت القوات البريطانية
والفرنسية من مصر في 22 ديسمبر/ كانون الأول 1956 وتبعتهما بعد ذلك
إسرائيل، وقد ازدادت شعبية عبد الناصر داخليا وخارجيا بعد هذه الحرب.
الوحدة مع سوريا أعلن عبد الناصر اتحادا يضم مصر وسوريا أطلق عليه الجمهورية العربية
المتحدة في 22 فبراير/ شباط 1958، لكن الاتحاد لم يستمر طويلا فانفصلت
الدولتان مرة أخرى عام 1961 وظلت مصر محتفظة بلقب الجمهورية العربية
المتحدة.
مساندة حركات التحررساند عبد الناصر حركات التحرر الوطني في الدول العربية والأفريقية وبالأخص
ثورة الجزائر في الفترة من 1954 إلى 1962 وثورة اليمن في 1962.
هزيمة مصر والأردن وسوريا عام 1967تحرشت القوات الإسرائيلية بسوريا في مايو/ أيار 1967 فأعلنت مصر حالة
التعبئة العامة في قواتها المسلحة. وتصاعدت الأحداث بسرعة حتى كانت الشرارة
التي فجرت الحرب قرار الرئيس جمال عبد الناصر إغلاق مضايق تيران في البحر
الأحمر أمام الملاحة الإسرائيلية، فشنت إسرائيل هجومها العنيف في 5 يونيو/
حزيران 1967 مما ألحق هزيمة كبرى بمصر والأردن وسوريا، فاحتلت سيناء
والجولان والضفة الغربية والقدس الشرقية، فأعلن عبد الناصر تحمله لمسؤولية
هزيمة القوات المسلحة المصرية وضياع سيناء فأعلن استقالته، إلا أن الجماهير
المصرية خرجت في مظاهرات تطالب بعدوله عن الاستقالة وإعداد البلاد لمحو
آثار الهزيمة، وعاد بالفعل مرة أخرى لتولي منصبه.
حرب الاستنزافاهتم عبد الناصر بإعادة بناء القوات المسلحة المصرية، ودخل في حرب استنزاف
مع إسرائيل عام 1968، وكان من أبرز أعماله في تلك الفترة بناء شبكة صواريخ
الدفاع الجوي.
مشروع روجرزعرض وزير الخارجية الأميركي وليم روجرز مبادرة سياسية لتشجيع الدول العربية
وإسرائيل على وقف إطلاق النار والبدء في مباحثات سلام تحت إشراف الممثل
الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة جونار يارنغ بهدف تنفيذ قرار مجلس الأمن
رقم 242 الداعي إلى انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها في5 يونيو/
حزيران 1967. ووافقت مصر والأردن على المبادرة وأعلمتا واشنطن بذلك يوم
8/7/1970 إلا أن العديد من الدول العربية رفضت
المبادرة ومنها منظمة التحرير الفلسطينية التي أصدرت بيانا في 25/7/1970
اعتبرت فيه أن أي مبادرة تقوم على أساس قرار 242 تمثل اعترافا ضمنيا بدولة
إسرائيل، وتنازلا نهائيا عن هدف تحرير فلسطين التي احتلت عام 1948. وفسرت
المنظمة نص قرار 242 الذي يدعو إلى انسحاب إسرائيل من أراض احتلت قبل عام
1967 تفريطا بالقدس، وفسرت كذلك النص على إعادة وقف إطلاق النار على أنه
حظر لنشاط المقاومة الفلسطينية.
جمال عبد الناصر وقضية فلسطيناكتسبت ثورة
23 يوليو بقيادة جمال عبد
الناصر الصراع العربي- الصهيوني سمة هامة، أثبتت التطورات الأخيرة التي
تعيشها قصة الصراع اليوم صحتها، وهي أن طبيعة الصراع حضارية. ويرى عبد
الناصر أن الصراع الذي يجري على ارض فلسطين كان ولا يزال صراع وجود وصراع
بقاء بين الأمة العربية من جانب وقوى الاستعمار من جانب آخر، وأن الصراع
العربي الإسرائيلي يرجع في الأصل إلى التناقض بين أهداف الأمة العربية
الراغبة في التحرر السياسي والاجتماعي وبين الاستعمار الراغب في السيطرة
ومواصلة الاستغلال. لقد كان سلاح الاستعمار ضد الأمة العربية هو سلاح
التمزيق وبعد حربين عالميتين ومع تعاظم الإيمان بالوحدة أضاف الاستعمار
سلاح التخويف إلى سلاح التمزيق واستغل في ذلك الدعاوي الأسطورية للحركة
الصهيونية. وهكذا سلم وطننا من أوطان الأمة العربية غنيمة مستباحة
للصهيونية لكي يتم تكريس تمزيق الأمة العربية ولمواصلة تخوينها وباستمرار
عن طريق إيجاد عدة في قلبها لتهديدها فضلاً عما يتبع ذلك من استنزاف في
إمكانيات القوة العربية.
لقد زاد من حدة التناقص بين الأمة العربية ولاستعمار ظهور الحركة التقدمية
العربية الأمر الذي دفع الاستعمار إلى مغامرات عنيفة ومخيفة عبرت عن نفسها
عام
1967 والتي عرفت بحرب الأيام الستة والتي
هي مقدمة لحرب ما تنته بعد.
ومن هذا يتضح لنا كيف أن عبد الناصر أدرك طبيعة الصراع العربي- الصهيوني
وهي أن هذا الصراع صراع مصيري وقومي وحضاري ومن هذه القناعة تعامل عبد
الناصر من هذا الصراع وتفاعل مع أحداثه.
بعد عام
1948 حاول الاستعمار أن يستغل المأساة
التي حلت بالأمة العربية في حرب فلسطين ليبث في قلوب العرب روح الضعف
والهزيمة ولكن القومية العربية النابضة في قلب كل عربي كانت لهم بالمرصاد.
وان كان الأعداء قد انتصروا في حرب
1948 على
شعب فلسطين فان القومية العربية أيضاً انتصرت لأن كل عربي أخذ يشعر في
قرارة نفسه أنه لا بد من أن يتحد مع أخيه العربي حتى يحافظ على أمته من
الزوال والتفتت والضياع. كانت مأساة فلسطين نصراً للعرب لأنها أشعلن نار
القومية العربية في الصدور.
كان جمال عبد الناصر يرى أن الاستعمار قد أقان في قلب الوطن العربي للقضاء
على القومية العربي ولضرب هذه الأمة ومنعها من بناء نفسها اجتماعيا
واقتصاديا ودبلوماسيا. ولكن هل نجحوا؟ إن إصرار شعبنا على إزالة الاحتلال
من جزء من الوطن العربي وهو فلسطين هو تعميم على تصفية جيب من أخطر جيوب
العدوان الانتقادي ضد نضال الشعوب.
كان جمال عبد الناصر يرى أن تسوية الصراع العربي الإسرائيلي تتمثل في
استعادة حقوق الشعب الفلسطيني ثم في استعادة الأراضي العربية المحتلة عام
1967 وفي تجميد الخطر الإسرائيلي في حدود قرار
التقسيم الذي أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في نوفمبر 1947 باعتبار
أن مواجهة الوجود الإسرائيلي هي عملية الأجل الطويل.
وكان بعد نكسة حزيران خرج الشعب الفلسطيني ليأخذ بنفسه زمام المبادرة
ويدافع عن قضيته بنفسه. وانطلق حركة المقاومة الفلسطينية واستطاعت بنضالها
أن تحول الشعب الفلسطيني من شعب من اللاجئين إلى شعب من المقاتلين واستطاع
العمل الفلسطيني أن يفرض نفسه على العالم.
كان لجمال عبد الناصر دوره في دعم المقاومة الفلسطينية فهو يقول " لا
يستطيع أحد أن ينكر دور جماهير الشعب الفلسطيني الذي يرزح تحت الاحتلال
ويضيف ليس هناك معيار أو في أدق من الموقف الذي يتخذه أي فرد أو أي جماعة
أو حكومة من قضية المقاومة الفلسطينية وأنباء الشعب الفلسطيني. ونرى الآن
محاولات العدو وعدوانه للوقيعة بين رفاق المعركة الواحدة الشركاء في الواقع
الواحد والمصير الواحد، ونرى ضرورة هذه المحاولات ولكننا في نفس الوقت
ندرك أن إخواننا يرون في ذلك نفس ما نرى. أن وعيهم لضرورات هذه المحاولات
ولكننا في نفس الوقت ندرك أن إخواننا يرون في ذلك نفس ما نرى. أن وعيهم
لضرورات الموقف أعمق وأشمل مما نتصور، ولهم القدرة على تطويق كل هذه
المحاولات وحصرها.
"إن واجب الأمانة يتطلب منا أن نحدد موقفنا على النحو التالي: ولقد كان ذلك
موقفنا دائماً إن المقاومة الفلسطينية تعتبر من أهم الظواهر الصحية في
نضالنا العربي، وهي التجسيد العملي للتحول الكبير الذي طرأ على الشعب
الفلسطيني تحت ضغوط القهر وحوله من شعب من اللاجئين إلى شعب من المقاتلين".
كان جمال عبد الناصر يرى أن ليس أمامنا جميعاً بديل عن القتال من أجل الحق
الذي نطلبه والسلام الذي نسعى إليه. كان دائماً يفرق بين القتال وبيت
الاقتتال فيقول: "الاقتتال رصاص طائش يعرض الأخ لسلاح أخيه والقتال شرف..
الاقتتال جريمة".
كانت نكسة 5 يونيو حزيران 1967 هي النهاية الأصلية لمرحلة جمال عبد الناصر
السياسية، كانت الظروف المحيطة بالحدث والسابقة له تؤكد أن نظام جمال عبد
الناصر وبعد كل هذه الإنجازات على الصعيدين الداخلي والخارجي بات مطلوباً
وقفة عند حده وإعادته إلى داخل ملعبه. ومن هنا اتفقت الارادات الدولية على
اختلافها على الإيقاع بجمال عبد الناصر. وقد أعدوا المسرح وهيؤا المكان
جيداً لاستقبال واقعة سنة 1967.
في يوم 13 مايو وردت معلومات من الاتحاد السوفيتي إلى رئاسة الجمهورية بأن
إسرائيل حشدت حشوداً ضخمة أمام الجبهة السورية بغرض الهجوم عليها
والاستيلاء على دمشق بغرض تغيير النظام التقدمي فيها. وجددت معلومات
الاتحاد السوفيتي موعداً للهجوم الإسرائيلي ما بين
17/5-21/5/1967م وقد اختارت إسرائيل عام 1967
ليكون عاما لعدوانها على البلدان العربية لعدة أسباب:
أولها: استكمال استعداد إسرائيل العسكري مع انشغال القوات الخاصة المصرية
في حرب اليمن. وثانيها: تأكد إسرائيل من الدعم الأمريكي غير المحدود لها
مثالتها: تدهور العلاقات الأمريكية مع الدول العربية التقدمية وثالثها:
تفكك الصف العربي بسبب حرب اليمن وما ترتب عليها من نزاعات بين الدول
العربية وعدم فاعلية مؤتمرات القمة العربي ورابعها: تهيئة الرأي العام
العالمي واقتناعه بوجهة النظر الإسرائيلي التي استخدمت مقررات مؤتمرا القمة
العربية مادة لها. وخامسها أن إسرائيل كانت تعاني من مشاكل اقتصادية وعجز
مالي كبير والحرب هي الوسيلة الوحيدة لخلاصها من تلك المشاكل.
اتجهت إسرائيل إلى سوريا لتكون ذريعتها لعدوانها على البلدان العربية
وخصوصاً أن سوريا في إحدى الدول الثلاث التي تعمل لتحويل مجرى نهر الأردن
في أراضيها لتفسد المشروعات الإسرائيلية في هذا الخصوص. كما أن سوريا تقدم
المساعدات لحركات التحرر ضد إسرائيل بالإضافة إلى ذلك هناك أطماع إسرائيل
الخاصة بالهضبة السورية ذات الموقع الاستراتيجي المهددة لأمن إسرائيل.
بدأت إسرائيل بالتهديد بغزة سوريا واحتلال دمشق وقامت بأول هجوم كبير لها
في أوائل عام
1967. وفي مايو أعلنت إسرائيل
حالة الطوارئ الجزئية مما اضطر مصر إلى المسارعة لمساعدة سوريا بحشد قواتها
في سيناء. ثم طلبت من 16 مايو من الأمم المتحدة تجميع قواتها التي تحتل
نقط المراقبة على الحدود المصرية الإسرائيلية في قطاع غزة. ولكن الأمم
المتحدة قررت سحب قوات الطوارئ من شرم الشيخ ودخلتها القوات المصرية. وفي
يوم 23 مايو 1967 أعلنت مصر عن قرارها بعدم السماح للسفن الإسرائيلية أو
تلك التي تحمل بضائع استراتيجية لإسرائيل بالمرور في خليج العقبة. وهنا
قررت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية ضرورة الإسراع لشن الحرب قبل أن تتمكن
القوات المصرية في التحصين في مواقعها الجديدة واستغلال ميزة المبادأة.
وفي يوم
30 مايو تم توقيع ميثاق الدفاع
المشترك بين مصر والأردن. وكان رد إسرائيل هو تكوين حكومة ائتلافية دخلتها
كافة الأحزاب الإسرائيلية. وفي يوم
4 يونيو
1967 عقد مجلس الوزراء الإسرائيلي اجتماعا قرر فيه
الحرب. وفي اليوم التالي أي يوم 5 يونيو قامت إسرائيل بضرب القواعد الجوية
المصرية، وهكذا اشتعلت الحرب. وواصلت إسرائيل الحرب إلى أن وصلت إلى مياه
قناة السويس على الجبهة المصرية واحتلت الضفة الغربية وأصبح نهر الأردن
يفصل بينها وبين باقي الأراضي الأردنية كما احتلت المرتفعات السورية وأصبح
الطريق إلى دمشق مفتوحاً.
كانت لتلك الحرب نتائج خطيرة في الصراع العربي الإسرائيلي. فقد تم تحطم
القوات المسلحة لثلاث دول عربية ووصلت إسرائيل إلى الوضع الجغرافي والعمق
الاستراتيجي الذي تريده.
تحمل الرئيس جمال عبد الناصر المسؤولية عن النكسة بشجاعة الرجال وأعلن
التنحي. ولكن الشعب المصري خرج كالطوفان يومي 9و10 يوليو وأعلن أنه سيواصل
القتال مع جمال عبد الناصر إلى النهاية فعدل الرئيس جمال عبد الناصر عن
استقالته معلناً أنه سيقف في المكان الذي يطلب منه الشعب القائد أن يقف
فيه. وفوت الشعب المصري وقائده الفرصة على المراهنين.
وبدأ جمال عبد الناصر العمل في طريقين: الأول: طريق إعادة بناء القوات
المسلحة إيماناً منه بأن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة والثاني طريق
العمل الدبلوماسي كفيل بقرار مجلس الأمن
242 لحل نزاع الشرق الأوسط. وقصة حرب الاستنزاف معروفة للجميع والمساعي
الدبلوماسية لحل مشكلة الشرق الأوسط وتطبيق قرارات مجلس الأمن أيضاً
معروفة.
وفاتهولكن القدر لم يمهل الرئيس جمال عبد الناصر ليشهد تحرير الأرض ففي
28/9/1970 رحل جمال عبد الناصر عن اثنين وخمسين عاماً.
رحل وهو يحاول إيقاف نزيف الدم بين الأشقاء في الأردن، وكانت هذه آخر
إنجازات الزعيم جمال عبد الناصر على الصعيد العربي. رحل تاركاً خلفه قضايا
وصراعات وإنجازات لم تحسم بعد. وفي جنازته سار عدة ملايين من أبناء الشعب
المصري والعربي وقد أذهلت الجنازة الأعداء والأصدقاء على حد سواء. خرج
الشعب المصري بالملايين لينعى نفسه قبل نعي عبد الناصر فقد كان الزعيم جمال
عبد الناصر بكل ما له وما عليه حلماً لم يكتمل ومشروعاً قومياً عظيماً لم
يكتمل أيضاً. كانت جنازته تعبيراً جياشاً عن حجم الكارثة التي ستحدث في
الأيام المقبلة.
بكى الشعب المصري جمال عبد الناصر بمرارة وبكاه العرب والعالم المتحضر
أجمع. بكاه العالم وسنظل نبكيه كلما عظمت الخطوب واشتدت المحن وبلغت القلوب
الحناجر.
اتمني ان اكون قد قدم هذا الموضوع بشكل لائق بس اقول يا ريت الكل ينظر إلي
المقارنة في زمان الناصر و الحكام اليوم من ناحية القضية الفلسطنين الحكام
اليوم هم قردة خاسئين فقط يصلحون للأكل وترميمه
شكرا ليكم أخوتي .
تحياتي