شملت الهند قديمًا: الهند، وباكستان، وبنجلاديش، وسريلانكا،
والمالديف، وانتشرت فيها الهندوسية والبوذية، وقليل منهم اعتنق النصرانية
أو اليهودية. وكان للعرب صلات تِجاريَّة معها، وقد أرسل النبي صلى الله
عليه وسلم إلى ملك "ماليبار" يدعوه إلى الإسلام. ويُرْوَى أن ملك "كدنغلور"
زار النبي صلى الله عليه وسلم، كما وصل الدعاة إليها. وفي عهد الراشدين
وصلت قوات إلى شمال بومباي، وفي خلافة معاوية أرسل جيشًا إلى السند،
فأُرْسِل في خلافة عبد الملك بن مروان محمد بن قاسم لغزوها، فبدأ في فتحها،
وكان ذلك بداية انتشار الإسلام فيها، وكاتَبَ عمرُ بن عبد العزيز ملوكَ
السند فأسلم بعضهم، وفي عهد هشام بن عبد الملك تم القضاء على الفتن، وفي
الخلافة العباسية ظهرت الاضطرابات؛ ففي خلافة هارون الرشيد ولَّى العديد من
الولاة على السند حتى وصل عمر الهَبَّاري إلى حكمها فأطاعه الناس، ولما
ضعفت الخلافة خضعت للسامانيِّين، ثم جاء محمود الغزنوي ونشر الإسلام حتى
أسلم ملك كشمير على يديه، وبعده تناحر الغزنويُّون فتَمَكَّن منهم
السلاجقة، ثم التركمان، ثم الْغُوريُّون، ثم المماليك, فحفظوا الهند من
هجمات المغول، ثم بدأ حُكْم الخَلْجِيِّين، وجاء في أواخر
الدعوة لإعادة الهندوسيَّة، ثم تفكَّكَت الهند إلى ستِّ دُول؛ حتى جاءت
أسرة اللوديين فاستعادت سلطنة دِهْلَى مكانتها، ثم ضعف اللوديون، فبدأ حكم المغول
وهو يُعْتَبَر الحكم الأخير للمسلمين في الهند, فقرَّب جلال الدين أقوى
ملوك المغول إلى جانبه زعماء الهنادكة، فأصبحت مملكته تشمل الهندَ كلَّها،
عدا الطرف الجنوبي فكانت تحكمه ممالك بيجابور وكولكنده الإسلاميَّتين،
وفيجايانكر الهندوسية، فأراد إنشاء عقيدة تجمع كل الأديان فوقف في وجهه
العلماء. وبدأت أطماع البرتغاليين فتمركزوا على ساحل الهند الغربي، ونشط
الهولنديُّون، وتحرَّك الفرنسيُّون، ولَحِقَ بهم الإنجليز، فأصدروا مرسومًا
مَلَكِيًّا بتكوين شركة تِجاريَّة إنجليزية في الهند، فبدأت بأكشاك صغيرة،
ثم جعلوا لها حرسًا من الإنجليز، فتكون الجيش، وبدأ القضاء على الدولة
المغولية، فتمَّ الاعتراف بحكم الشركة على البنغال وأوريسة وبهار، وتم بناء
مستعْمَرَة تِجاريٍّة في كلكتا، فوقف حاكم (ميسور) في وجههم، فتحالفوا مع
المرهتا، إلا أنه استطاع هزيمتهم، فعاهد الفرنسيين، واتَّفق معهم على
الدفاع المشتَرَك، فتوفي فجمع الحاكم العامّ للشركة جيوش الشركة والحلفاء،
فانتقل الحكم إلى التاج البريطاني.
فبدأت حركات الجهاد الإسلامية، وعَمِل الإنجليز على إثارة
النزعات الطائفيَّة، فأُنْشِئ حزب المؤتمر الهندي فأخذ يُنادِي بتخليص
الهند من الغرباء، على أن المسلمين هم الغرباء، فظهر "حزب الرابطة
الإسلامية"، وأنشئت الصحف المدافعة عن الإسلام، وفي الحرب العالمية الأولى
وُعدوا بالاستقلال، فنُكِثَ الوعد، فقامت المذابح للتجمُّعات (السلمية)،
وبدأت الاضطرابات، فظهرت الدعوة إلى الديانة "الهندوكية"، وطالب حزب
الرابطة باستقلال المسلمين في دولة مستقلَّة في باكستان، بينما رأى آخرون
ضرورة المحافظة على الْوَحدة الوطنية من خلال حزب المؤتمر، فظهرت الجماعة
الإسلامية وجماعة التبليغ. وفي الحرب العالمية الثانية وُعِدوا بالاستقلال
بشروط فرفضها الهنود، ثم أصدر البرلمان البريطاني قانون استقلال الهند،
فتكوَّنت الهند وباكستان، وأجبرت الهند حيدر آباد، وجوناغاد، وكشمير- التي
قرَّر حكامها المسلمون أن ينضمَّوا إلى باكستان أو الاستقلال- على الانضمام
إليها، في حين استقلَّت سيلان ونيبال بوتان، وكوَّنت دُولاً مستقلَّة.
أما كشمير فبدأ النزاع بين الهند وباكستان عليها، وقد استمر
الحكم الإسلامي بها قرابة خمسة قرون حكمها السلاطين المستقلون, ثم المغول،
ثم الأفغان، ثم حكمها السيخ حيث انتشر الظلم، ثم باع البريطانيون ولاية
جامو وكشمير إلى عائلة الدوغرا. ومن ثَمَّ نشأت ثلاث حروب بين الهند
وباكستان، فظهرت جماعات الجهاد الكشميري، وبسبب التقسيم قامت المذابح، ورغم
ذلك ظلَّ في الهند ما يقرب من 150 مليون مسلم يتحمَّلون الاعتداءات،
ويعانون من مشاكل الفقر والتخلُّف التعليمي، وما زالت هناك طائفة تعمل على
عودة هذا النور إلى هذه المنطقة من جديد، رغم ما تعانيه من مشاكل.