- الفاشيست والمجاهدون :بعد الانقلاب الفاشي في إيطالي في أكتوبر 1922, وبعد الانتصار الذي تحقق في
تلك الحرب إلى الجانب الذي انضمت إليه إيطاليا. تغيرت الأوضاع داخل ليبيا
واشتدت الضغوط على السيد محمد إدريس السنوسي, واضطر إلى ترك البلاد عاهداً
بالأعمال العسكرية والسياسية إلى عمر المختار في الوقت الذي قام أخاه الرضا
مقامه في الإشراف على الشئون الدينية.
بعد أن تأكد للمختار النوايا الإيطالية في العدوان قصد مصر عام 1923م
للتشاور مع السيد إدريس فيما يتعلق بأمر البلاد, وبعد عودته نظم أدوار
المجاهدين, فجعل حسين الجويفي على دور البراعصة ويوسف بورحيل المسماري على
دور العبيدات والفضيل بوعمر على دور الحاسة, وتولى هو القيادة العامة.
بعد الغزو الإيطالي على مدينة اجدابيا مقر القيادة الليبية, أصبحت كل
المواثيق والمعاهدات لاغية, وانسحب المجاهدون من المدينة وأخذت إيطاليا
تزحف بجيوشها من مناطق عدة نحو الجبل الأخضر, وفي تلك الأثناء تسابقت جموع
المجاهدين إلى تشكيل الأدوار والإنضواء تحت قيادة عمر المختار, كما بادر
الأهالي إلى إمداد المجاهدين بالمؤن والعتاد والسلاح, وعندما ضاق
الإيطاليون ذرعا من الهزيمة على يد المجاهدين, أرادوا أن يمنعوا عنهم طريق
الإمداد فسعوا إلى احتلال الجغبوب ووجهت إليها حملة كبيرة في 8 فبراير
1926م, وقد شكل سقوطها أعباء ومتاعب جديدة للمجاهدين وعلى رأسهم عمر
المختار, ولكن الرجل حمل العبء كاملاً بعزم العظماء وتصميم الأبطال.
ولاحظ الإيطاليون أن الموقف يملي عليهم الاستيلاء على منطقة فزان لقطع
الإمدادات على المجاهدين, فخرجت حملة في يناير 1928م, ولم تحقق غرضها في
احتلال فزان بعد أن دفعت الثمن غاليا. ورخم حصار المجاهدين وانقطاعهم عن
مراكز تموينهم, إلا أن الأحداث لم تنل منهم وتثبط من عزمهم, والدليل على
ذلك معركة يوم 22 أبريل التي استمرت يومين كاملين, انتصر فيها المجاهدون
وغنموا عتادا كثيرا.
- مفاوضات السلام في سيدي ارحومة :وتوالت الانتصارات, الأمر الذي دفع إيطاليا إلى إعادة النظر في خططها
وإجراء تغييرات واسعة, فأمر موسوليني بتغيير القيادة العسكرية, حيث عين
بادوليو حاكماً عسكريا على ليبيا في يناير 1929م, ويعد هذا التغيير بداية
المرحلة الحاسمة بين الطليان والمجاهدين.
تظاهر الحاكم الجديد لليبيا في رغبته للسلام لإيجاد الوقت اللازم لتنفيذ
خططه وتغيير أسلوب القتال لدى جنوده,وطلب مفاوضة عمر المختار, تلك
المفاوضات التي بدأت في 20 أبريل 1929م,
واستجاب الشيخ لنداء السلام وحاول التفاهم معهم على صيغة ليخرجوا من دوامة
الدمار. فذهب كبيرهم للقاء عمر المختار ورفاقه القادة في 19 يونيو1929م في
سيدي ارحومه. ورأس الوفد الإيطالي بادوليونفسه، الرجل الثاني بعد بنيتو
موسليني، ونائبه سيشليانو، ولكن لم يكن الغرض هوالتفاوض، ولكن المماطلة
وشراء الوقت لتلتقط قواتهم أنفاسها، وقصد الغزاة الغدر به والدس عليه
وتأليب أنصاره والأهالي وفتنة الملتفين حوله..
وعندما وجد المختار أن تلك المفاوضات تطلب منه اما مغادرة البلاد إلى
الحجاز اومصر أو البقاء في برقة و انهاء الجهاد ..والإستسلام مقابل الأموال
والإغراءات, رفض كل تلك العروض, وكبطل شريف ومجاهد عظيم عمد إلى الاختيار
الثالث وهو مواصلة الجهاد حتى النصر أو الشهادة.
تبين للمختار غدر الإيطاليين وخداعهم, ففي 20 أكتوبر 1929م وجه نداء إلى
أبناء وطنه طالبهم فيه بالحرص واليقظة أمام ألاعيب الغزاة.
وصحت توقعات عمر المختار, ففي 16 يناير 1930م ألقت الطائرات بقذائفها على
المجاهدين,
- السفاح يتدخل :دفعت مواقف المختار ومنجزاته إيطاليا إلى دراسة الموقف من جديد وتوصلت إلى
تعيين غرسياني وهو أكثر جنرالات الجيش وحشية ودموية.. ليقوم بتنفيذ خطة
إفناء وإبادة لم يسبق لها مثيل في التاريخ في وحشيتها وفظاعتها وعنفها وقد
تمثلت في عدة إجراءات ذكرها غرسياني في كتابه "برقة المهدأة":
1- قفل الحدود الليبية المصرية بالأسلاك الشائكة
لمنع وصول المؤن والذخائر.
2- إنشاء المحكمة الطارئة في أبريل 1930م.
3- فتح أبواب السجون في كل مدينة وقرية ونصب
المشانق في كل جهة.
4- تخصيص مواقع العقيلة والبريقة من صحراء غرب
برقة البيضاء والمقرون وسلوق من أواسط برقة الحمراء لتكون مواقع الإعتقال
والنفي والتشريد.
5- العمل على حصار المجاهدين في الجبل الأخضر
واحتلال الكفرة.
إنتهت عمليات الإيطاليين في فزان باحتلال مرزق وغات في شهري يناير وفبراير
1930م ثم عمدوا إلى الإشباك مع المجاهدين في معارك فاصلة, وفي 26 أغسطس
1930م ألقت الطائرات الإيطالية حوالي نصف طن من القنابل على الجوف والتاج,
وفي نوفمبر اتفق بادوليو وغرسياني على خط الحملة من اجدابيا إلى جالو إلى
بئر زيغن إلى الجوف, وفي 28 يناير 1931م سقطت الكفرة في أيدي الغزاة, وكان
لسقوط الكفرة آثار كبيرة على حركة الجهاد والمقاومة
تحياتى واحترامى للجميع حـــــــــــاتم