ساقه في الميزان يوم القيامة أثقل من جبل أحد
من أحب أن يقرأ القرآن غضاً كما أُنزل فليقرأ قراءة ابن أم عبد
كانت هذه كلمات النبي صلى الله عليه وسلم عن بطل السطور القادمة
...
إنه
الإمام الحبر وفقيه الأمة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه .. من السابقين
الأوائل .. شهد بدراً .. وهاجر الهجرتين .. أسلم قبل دخول رسول الله صلى
الله عليه وسلم دار الأرقم ويقال كان سادساً فى الإسلام وكان يشبه النبي
صلى الله عليه وسلم فى هديهِ وسمتهِ
كان رضي الله عنه أوّل من
جهر بالقرآن بمكة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وكان إذا اجتمع
الصحابة قالوا: والله ما سمعت قريش هذا القرآن يُجهر لها به قطُّ .. فهل
من رجل يسمعهموه؟
فقال عبد الله بن مسعود أنا .. قالوا : إنا نخشاهم عليك .. قال دعوني
فغدا
ابن مسعود حتى أتى المقام .. ثم قرأ (بسم الله الرحمن الرحيم) رافعاً بها
صوته (الرحمن عّلم القرآن) .. فقاموا إليه فجعلوا يضربونه فى وجهه .. وجعل
يقرأ حتى ما شاء الله أن يبلغ .. ثم انصرف إلى أصحابه وقد أثّروا فى وجهه
.. فقالوا هذا الذى خشينا عليك .. فقال ما كان أعداء الله أهون على منهم
الآن .. ولئن شئتم لأغادينِّهم بمثلها غداً .. قالوا لا حسبُك .. قد
أسمعتهم ما يكرهون
كان ابن مسعود من بين هؤلاء الذين رفع الله
شأنهم بالقراّن وأعلي قدرهم .. فلقد بلغ من علم بن مسعود بكتاب الله أنه
كان يقول : والله الذي لا إله غيره .. ما نزلت اّية من كتاب الله إلا وأنا
أعلم أين نزلت وأعلم فيمن نزلت .. ولو أعلم أن أحدا أعلم مني بكتاب الله
تبلغه الإبل لركبت إليه
وقال صلي الله عليه وسلم :من أحب أن يقرأ القراّن غضا كما أنزل فليقرأ قراءة ابن أم عبد .. يقصد ابن مسعود
ولم
يكن عبد الله بن مسعود مبالغا فيما قاله عن نفسه .. فهذا عمر بن الخطاب
رضي الله عنه يلقى قافلة في سفر من أسفاره .. والليل مخيم يحجب الركب
بظلامه .. وكان في الركب عبد الله بن مسعود
فأمر عمر رجلا أن يناديهم : من أين القوم ؟
فأجابه عبد الله : من الفج العميق
فقال عمر : أين تريدون ؟
فقال عبد الله : البيت العتيق
فقال عمر : إن فيهم عالماً .. فأمر رجلاً فناداهم : أي القراّن أعظم ؟
فاجابه عبد الله : الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تاخذه سنة ولا نوم
قال : نادهم أي القراّن أحكم ؟
فقال عبد الله : إن الله يأمر بالعدل والإحسان
فقال عمر : نادهم أي القراّن أجمع ؟
فأجاب عبد الله : فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره .. ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره
ففال عمر : نادهم أي القراّن أخوف ؟
فقال عبد الله : ليس بأمانيكم ولا اماني اهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا
فقال عمر نادهم أي القراّن أرجي ( يعني الاّية التي تبعث في القلوب الرجاء في الرحمة والمغفرة ) ؟
فقال عبد الله : قل يا عبادي الذين أسرفوا علي انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم
فقال عمر : نادهم أفيكم عبد الله بن مسعود ؟!
قالوا : اللهم نعم
كان
الحبيب صلى الله عليه وسلم يشتهي سماع القراّن منه .. فعن ابن مسعود قال :
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : اقرأ علي القراّن .. قلت: يارسول الله
أقرأ عليك القراّن وعليك أنزل ؟ .. قال: إني أشتهي أن أسمعه من غيري ..
فقرأت عليه سورة النساء ... إلى اّخر الحديث
عن ابن مسعود انه
كان يوما يجتني سواكاً من الأراك .. وكان دقيق الساقين .. فأتت ريح فأظهرت
ساقيه .. فضحك القوم منه .. فقال صلي الله عليه وسلم : مم تضحكون ؟ ..
قالوا : يا نبي الله من دقة ساقيه .. فقال: والذي نفسي بيده لهما أثقل
فالميزان من أحد .. اي من جبل أحد
شهد ابن مسعود مع الرسول صلى
الله عليه وسلم المشاهد كلها ولم يتخلف عن أي منها .. وكان موقفه يوم بدر
من المواقف العظيمة عندما قتل أبا جهل بعدما أثبته معاذ و معوذ ابني عفراء
من أقواله رضى الله عنه
---------------------------
لا
تشرك بالله شيئاً .. وزُل مع القرآن حيث زال .. ومن جائك بالحق فاقبل منه
وإن كان بعيداً بغيضاً .. ومن جاءك بالباطل فاردده عليه وإن كان حبيباً
قريباً
والله الذى لا إله إلا هو ما على وجه الأرض شئ أحوج إلى طول سجن من اللسان
ارض بما قسم الله تكن من أغنى الناس .. واجتنب المحارم تكن من أورعِ الناس .. وأدِّ ما افتُرِضَ عليك تكن من أعبدِ الناس
ولما نام رضي الله عنه على فراش الموت .. إذا بعثمان بن عفان رضى الله عنه يأتي إليه ليزوره
ققال له : ما تشتكى ؟
قال : ذُنوبي
قال : فما تشتهي ؟
قال : رحمة ربي
قال : ألا آمر لك بطبيب ؟
قال : الطبيب أمرضني
قال : ألا آمر لك بعطاء ؟
قال : لا حاجة لى فيه
مات ابن مسعود بالمدينة سنة اثنين وثلاثين ودفن بالبقيع وهو ابن بضع وستين
رضي الله عنه وعن سائر صحابة النبي صلى الله عليه وسلم